خطاب فخامة رئيس الجمهورية، الرئيس الدوري للاتحاد الافريقي، محمد ولد الشيخ الغزوانى فى قمة دول”بريكس” المنعقدة فى كازان بجمهورية روسيا الاتحادية.
بقلم أحمد ولد سيداحمد
وزير الشؤون الخارجية السابق
رئيس نادى انواكشوط الدبلوماسي
جاء خطاب فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، الرئيس الدوري للاتحاد الافريقي، أمام
القمة 16 لمجموعة “بريكس” المنعقدة فى كازان بجمهورية روسيا الاتحادية
تتويجا لنشاط ديبلوماسي مكثف شمل عدة محطات و منابر دولية هامة أسمع منها الرئيس الدوري للاتحاد صوت افريقيا عاليا واضحا معبرا عن مطالب القارة و طموحاتها و تطلعاتها و مستعرضا امكاناتها و فرص الاستثمارت فيها، و ذلك فى الأمم المتحدة و فرنسا و المانيا و كوتديفوار ، من بين محطات أخرى.
و قد كانت محطة كازان خاتمة لهذا النشاط كما كان الخطاب ملخصا لمضامين خطابات فخامة الرئيس خلاله الا أنهما امتازا شكلا و مضمونا بخصائص تجدر الإشارة إليها.
أما فى ما يتعلق بالشكل فإن مجموعة بريكس ذات الوزن المتزايد على الساحة الدولية أصبحت تتيح منبرا جديدا متميزا عن المنابر
المتعددة الأطراف التقليدية له صداه و مصداقيته.
و قد اتاح التحدث منه لفخامة الرئيس فرصة فريدة لابلاغ رسالة افريقيا للعالم.
و من المعلوم أن هذه المجموعة ذات الصعود و التمدد المطردين نظرا للمكانة الاقتصادية و السياسية و الثقل الديموغرافي للدول المكونة لها من جهة و لتوفيرها بديلا ذا مصداقية و مستقبل واعد عن النظام العالمي الحالي الذى لم يعد يتلاءم مع الظروف الدولية و لا مع مطالب و حاجات الدول النامية، مما يشكل عاملا جاذبا لهذه الأخيرة كما تبرهن على ذلك رغبتها المتزايدة فى الانضمام اليها، من جهة أخرى.
و من غريب الصدف أن خطاب فخامة الرئيس فى كازان جاء متزامنا مع ذكرى انشاء منظمة الأمم المتحدة و يومها العالمي و هو 24 أكتوبر، تلك المنظمة التى يطالب اليوم معظم أعضائها و فى مقدمتهم الأفارقة على لسان فخامة الرئيس بمراجعة بعض بنود ميثاقها ليتلاءم مع ميزان القوة العالمي و الوضع الاقتصادي و السياسي القائم و متطلبات العصر.
أما الميزة التى انفرد بها مضمون الخطاب فهي كونه، إضافة الى التذكير بمواقف افريقيا المبدئية من القضايا السياسية و الاقتصادية المطروحة فى الوقت الراهن على الساحة الدولية و التى بات بعضها يهدد الأمن و الاستقرار الدوليين، قد ركز على المقاربات الكبرى الشاملة و المؤسسية و على مواصفات النظام الاقتصادي و السياسي العالمي الذى يجب أن يحكم العلاقات بين الشمال و الجنوب، و التى من شأنها أن تفضي إلى “اعادة صياغة قواعد الحكامة الدولية المالية و السياسية” و إلى ضمان تنمية مستدامة لجميع البلدان و الشعوب و خاصة منها تلك السائرة فى طريق النمو، من خلال تعزيز التعاون المتعدد الأطراف الذى عرف تراجعا ملحوظا فى السنوات الأخيرة.
و من بين هذه المقاربات تبرز الضرورة الملحة للاسراع باحراز تقدم ملموس فى ملفين قديمين مهمين تصدرا خطاب فخامة الرئيس ألا و هما توسيع التمثيل على مستوى مجلس الأمن الدولي و العمل على التطبيق الفعلي لقواعد نظام اقتصادي عالمي جديد يضمن العدالة و الانصاف فى العلاقات بين جميع الدول.
و لا تخفى العلاقة العضوية بين كل من الملفين و الأسس و الفلسفة التى قامت عليها مجموعة بريكس مما يجعل طرحها على القمة حريا بأن يجد صدى أيجابيا.
و قد جدد فخامة الرئيس المطالبة بمنح مقعدين دائمين فى مجلس الأمن للقارة الافريقية ملتمسا من المجموعة التى تضم هي نفسها عضوين دائمين فى المجلس هما جمهورية الصين الشعبية و جمهورية روسيا الاتحادية، المساعدة فى تحقيق هذا المطلب كما سبق أن ساعدت فى حصول افريقيا على مقعد دائم فى مجموعة ال20.
و تتأكد المطالبة بتوسيع عضوية مجلس الأمن لصالح افريقيا من عدة أوجه نذكر منها على سبيل المثال أن القضايا المدرجة على جدول أعماله تتعلق تسعون فى المائة تقريبا منها فى جميع الأوقات بالقارة الأفريقية.
أما فى ما يخص ترجمة قواعد النظام الاقتصادي العالمي الجديد إلى واقع ملموس و قد مر نصف قرن على المصادقة عليها فى دورة استثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن المطالبة بها لن تجد محفلا أكثر ملائمة من تكتل يقوم على تحقيق العدالة و احترام استقلال و سيادة الدول على قدم المساواة.
لقد عرض الرئيس الدوري للاتحاد الافريقي، فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى فى خطابه أمام قمة مجموعة بريكس رؤية افريقيا للوضع العالمي الراهن و تطلعها إلى عالم يسوده السلم و الاستقرار و تعمه العدالة و المساواة. و بذلك تكون قد قطعت خطوة هامة على طريق تلبية مطالب و طموحات القارة و يبقى للرءاسات القادمة للاتحاد استلام المشعل و مضاعفة الجهود لتحقيق الأهداف و بلوغ الغايات المنشودة.
أحمد ولد سيداحمد
وزير الشؤون الخارجية السابق
رئيس نادى انواكشوط الدبلوماسي
#رياح_الجنوب