بسم الله الرحمن الرحيم وأزكى الصلاة والتسليم على النبي الكريم وعلى آله وصحبه والمؤمنين.
موضوع هذا الحديث هو رمضان في الثقافة العالمة.
وبعد فلما كان الأدباء يشبهون الحديث الليلي بالنجوى فلابد أن أقدم بين يدي نجواي هذه باقة من الشكر والعرفان والذكر والامتنان لمؤسسة بيت الشعر والقائمين عليها على ما عودوني من دعوة كريمة للمشاركة في إحياء الساحة الثقافية في بلدنا العزيز من خلال تدخلات حرصوا على أن تكون لها صلة بهذا الشهر المبارك، فلهذه المؤسسة منا شكر لا يعادله شكر وتقدير تني دونه كل التقديرات.
أيها السادة الكرام تقبل الله منا ومنكم القيام والصيام أجل موضوع هذا الحديث هو ما سمعتم ومقتضى تنصيصه على الثقافة العالمة أنه معزول عن الثقافة الشعبية ومظاهر الفلكلور وخاص بأرضنا هذه أرض شنقيط المباركة.
على الرأس والعين ولكن لا بد هنا أن أنبه على أن الخط الفاصل بين الثقافة الشعبية والثقافة العالمة لا يخلو من ضبابية لأن الأولى امتداد للثانية وصدى من أصدائها لا يمكن فصلها عنها لذلك لا نرى غضاضة في أن نذكر جوانب من الثقافة الشعبية إذا اقتضى المقام ذكرها كما أن الحديث عن رمضان في الربوع الإفريقية لا يمكن عزله بصفة صارمة عن الحديث عن رمضان في الثقافة العربية الإسلامية.
ثم يجب أن أعتذر عما ستلاحظونه من التفاوت بين ضخامة هذا العنوان وضحالة ما يقدم لكم من مصدوقاته. وعذري إن شاء الله قائم فالموضوع بكر حسب علمي وبكيء حسب اطلاعي، على أني بذلت جهدي ووسعي وقديما قال عروة بن الورد: ومبلغ نفس عذرها مثل منجح.
أيها السادة الحضور قد قررت دون أي مقدمة أن أعالج هذا الموضوع حسب البنود التالية:
1 رمضان في الوعي الجماعي الشنقيطي
2 مكانة الصوم في الثقافة العالمة في المجتمع الشنقيطي
3 رمضان والأخلاق والعبادة
4 رمضان والشعراء
5 رمضان مربد العلماء
6 رمضان ومشكلة ثبوت الهلال
7 عملية إفطار الصائم
8 متفرقات تتعلق بالصوم
1 رمضان في الوعي الجماعي الشنقيطي
لا شك أن شهر رمضان شهر مبارك وموسم عظيم علم ذلك من الدين ضرورة. وبه يشعر غالب المسلمين وهذا ما كرسته الثقافة العالمة والتقاليد الشعبية في بلادنا.
ويتجلى ذلك في أن بعض الناس يسمون أبناءهم به رجاء بركته ولم يشاركه في هذه المزية من الشهور إلا شهر ربيع ويسمونه المولود والمحرم ويسمونه عاشور مع أن شهر شعبان تسمى به العرب خارج هذه البلاد وكلنا يعرف ابن شعبان تلميذ الإمام مالك وأحد رواد مذهبه.
وقد بلغ من اعتقادهم في بركته أنهم حكموا أن أيامه كلها سعد لا توجد فيه أيام النحس التي تحدث عنها أرباب هذا الشأن وذكرها السوسي في منظومته الشهيرة كأيام نحس يجب تجنبها، أما رمضان فيجوز للشخص أن يسافر في أي يوم منه وأن يغسل لباسه ويحلق شعره ويقلم أظفاره لا حرج عليه في شيء من ذلك، وكانوا يتحرون شهر رمضان لإبرام عقود الزواج التماسا لبركته.
ومن بركته عندهم أنه لا يحاسب المرء على ما أنفق فيه مما جعل بعضهم يعتقد أن الإسراف فيه جائز وهذا ما أقرته الثقافة العالمة بالرغم من كونه غير مؤسس من الناحية الفقهية. ومن بركاته المعروفة في الثقافة العالمة والتي يؤمن بها العامة ولا يدركون كنهها أن الشياطين تصفد فيه وتغلق أبواب النيران وتفتح أبواب الجنان والملاحظ أن هذا التصفيد لم يطل شياطين الإنس لحكمة علمها الله.
إلا أن شهر رمضان وخصوصا في أيامه الأخيرة يقترن بنوع من الخوف والتوجس الغامض حتى في الثقافة العالمة ولاسيما في ليلة القدر فلا شك أنهم يؤمنون بأنها خير من ألف شهر وأن قيامها له فضل كبير. ولكنهم مع ذلك أحاطوها بهالة من التقاليد والأساطير والمعتقدات عكرت عليهم صفوها وذكروا من ذلك إطلاق سراح مردة الجن وانتشارهم في الفضاء وانتشار الأشباح وتحرشاتها ببني البشر.
ولم تفلح الثقافة العالمة في تبديد هذا النوع من الأساطير والقضاء عليه بلسان العلم بل كثير من حملة العلم انجرف وراء هذه الأساطير.
ومن أسباب الخوف من ليلة القدر كونها على الراجح هي التي يفرق فيها كل أمر حكيم فيذهب الناس يطلبون العفو والمسامحة من كل من يحتمل أن يكون من بين خصمائهم يوم القيامة ومن أسبابه أيضا تنزل الملائكة من السماء إلى الأرض ليلة القدر إذ لم تفلح الثقافة العالمة هنا أيضا في إقناع العامة بأن الملائكة الذين ينزلون ليلة القدر هم من ملائكة الرحمة المسالمين الذين يحبون الخير والسلام لجميع المسلمين.
2 مكانة الصوم في الثقافة العالمة في المجتمع الشنقيطي.
الصوم هو رابع أركان الإسلام حسب ما ورد في الصحيح من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
وقد جعل المجتمع الشنقيطي والسلطة القبلية وجوب الصوم هو نقطة ابتداء المسؤولية الاجتماعية دون غيره من أركان الإسلام.
والسبب في ذلك أن الصلاة يؤمر به الصبي لسبع ويضرب لعشر ولا يمكن أن تكون معيارا للمسؤولية الاجتماعية لأن الصبي ملزم بها وأما الحج والزكاة فإنما يجبان على الملي القادر كذلك مع أن بعض الفقهاء لم يوجب الزكاة على الصبي أصلا. وأما الشهادتان فيطلبان من الصغير وهو ما زال على الفطرة فلا يمكن أن يكونا مبدأ انطلاق المسؤولية.
فإذا وجب الصوم على الفرد في المجتمع الشنقيطي أصبح ملزما بجميع الواجبات التي تقتضيها مروءة مثله ولاسيما العصبية القبلية والتضامن الأسري فأصبحت القبائل تقدر على حسب عدد الصائمين فيها لأن الصائم هو الذي يعد في العاقلة التي تدفع الدية ويستنفر عند الكريهة ويؤخذ بالجريرة ولذلك يقال في المثل الحساني: “بو صوم الا من الكوم ول ما اعليه لوم”. ونتج عن ذلك أن العمر الحقيقي للفرد هو عدد الرمضانات التي صامها.
3 رمضان والأخلاق والعبادة
هذا الشهر هو بالامتياز شهر العبادة والإقبال على الله والتحلي بالصفات الحميدة والتخلي عن الصفات المذمومة حسب الإمكان إذ ناط الشارع قبول الصوم بها مؤكدا أنه تعالى لا حاجة له في صوم من لم يدع قول الزور والعمل به ولذلك يقبل غالب الناس فيه على العبادة وتلاوة القرآن ويحرصون على حضور صلاة التراويح أكثر من حرصهم على حضور الفرائض والسبب في ذلك أنه لكل جديد لذة والتراويح شيء جديد بالنسبة لبقية السنة، ويختار لإمامة صلاة التراويح عادة قارئ مجود متقن بارد الأعصاب ليلا يغضب إذا فتح عليه المأمومون مع أن هؤلاء لا يراعون في ذلك قانون الفقه الذي ينص على أن الإمام لا يفتح عليه إلا إذا استطعم أو أدخل آية رحمة في آية عذاب وعادة ما لا يسأل على وظيفته أجرا واصبا وإنما يترك شأنه لمروءة المصلين.
وقد كيف فقهاء البلاد عدد ركعات التراويح عازفين عما نص عليه الشيخ خليل في مختصره عن كونها كانت ما ثلاثا وعشرين ركعة ثم جعلت تسعا وثلاثين ركعة، معولين على ما روته عائشة رضي الله عنها في الموطأ: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة.
وقد حددوا الوظيفة الليلية من القرآن بحيث يتم ختمه ليلة القدر “الرسمية” أي ليلة سبع وعشرين على الراجح من أربعين قولا وردت في شأنها علما بأن ولي الله السيد عبد العزيز الدباغ رحمه الله صرح بأن الأمة المحمدية إذا اعتقدت في زمان أو مكان معين أجاز الله تعالى لها اعتقادها إكراما لنبيه عليه الصلاة والسلام.
وأما الاعتكاف في المساجد فعبادة معزوف عنها اليوم ولا ندري ما السبب في ذلك وأخشى أن يكون من رواسب البادية أيام كان المسجد شجرة داخل حظيرة.
ويحاول الكثير من الناس تطبيق النصائح الواردة في المقطعات الشعرية التي يذكرهم بها الوعاظ وفيها يحثونهم على تجنب اللغو واللهو كقول بعضهم:
إذا لم يكن في الأذن مني تصامـــــــم*** وفي بصري غض وفي منطقي صمت
فحسبي إذن من صومي الجوع والظما***فإن قـــلت أني صمت يوما فما صمت
وقول الآخر:
لا تجعلن رمضان شهر فكاهة***تلهيك فيه من القبيح فنونه
واعلم بأنك لن تنال ثوابــــــه****حتى تكون تصومه وتصونه
وقول بعضهم:
يا نفس إن خفت الخصوم صومي***فالصوم لا يدفع للخصوم
وثم تسبيحات خاصة بكل يوم من أيام رمضان يأثرها عجائز الزوايا عن السلف الصالح بالإضافة إلى سبعين ألفا من الهيللة فدية من النار.
وكثير من الناس لا يعبأ بهذه النصائح فيقضي ليله في اللهو والسمر ونهاره في النوم ومتابعة المسلسلات الدبلجية والمصحف موضوع في الرفوف التي بجانب تلفزة الصالون.
4 رمضان والشعراء
كان من المفروض أن يكون لشهر رمضان حضور في الثقافة العالمة في ميدان الشعر الفصيح على غرار موسم الحج وموسم المولد النبوي الشريف لكن يبدو أن لتصفيد الشياطين في هذا الشهر تأثيرا على المنتوج الشعري.
ومعلوم أن الشعراء لهم علاقة وطيدة بالشياطين منذ عهد أعشى قيس وعبيد بن الأبرص ويبدو أن الإسلام لم يقض على كل ذلك بل ما زالت هنالك ثمالة من تلك العلاقة ولعل ذلك هو السر في كوننا لا نرى الشعر يزدهر في موسم رمضان ازدهاره في غيره.
والمعروف في الأدب العربي التقليدي أن الشعراء يتذمرون من شهر رمضان ويتمنون انسلاخه لأنه يمنعهم من تعاطي كثير من شهواتهم كالخمر وغيرها ومنهم من يتذمر من رمضان ويتعاطى تلك المعاني لمجرد التظارف لا أنها معبرة عن شعوره وسلوكه الحقيقي كقول أحمد شوقي بك:
رمضان ولى هاتها يا ساقي *** مشتاقة تسعى إلى مشتاق
وكقول ابن الرومي:
شهر الصيام مبارك*** ما لم يكن في شهر آب
خفت العذاب فصمته***فوقعت في نفس العذاب
وقول الآخر وكأنه تذييل لهذين البيتين:
اليوم فيه كأنه*** من طوله يوم الحساب
والليل فيه كأنه*** ليل التواصل والعتاب
ومما يعزى إلى أبي نواس قوله:
نبئت أن فتاة كنت أخطبها***عرقوبها مثل شهر الصوم في الطول
ومما يذكر هنا البيتان المشهوران اللذان فهم منهما بعض عباد الله إشارة كانت سببا في توبته وإنابته إلى الله وهما:
إذا العشرون من شعبان ولت*** فواصل شرب ليلك بالنهار
ولا تشرب بأقداح صغــــــــــار***فقد ضاق الزمان عن الصغار
ولم أجد شيئا من هذا النوع في الأدب الشنقيطي القديم ولا المعاصر ولعل السبب في ذلك بقايا الورع المرابطي في الشعر الشنقيطي ولم يرد ذكر لرمضان في الشعر الشنقيطي إلا في نطاق المراثي عند ذكر محاسن الفقيد وذكر صاحب الوسيط أن مولود بن أحمد الجواد أنكر على من أنكر صحة قول القائل: “رب صائمه لن يصومه” لأن الإضافة اللفظية لا يتعرف بها المضاف فيجوز دخول حرف رب عليه.
ولقد سبق لي أن أنشدت على هذا المنبر مقطعات من ديوان الجذاذات سددت بها تلك الثغرة استأذنكم الآن أيها الحضور في إنشادها مرة ثانية وأرجو أن لا تكون من الحديث المعاد والمقطعات الموعود بها منها:
يا رب إني ساكــــن بلدة*** في رمضان ليس فيها سحورْ
وبصري أرجعــــــه كـــــرة***وكـــــــرتين لا أرى من فطور
فقوني رب على حمل ذا *** واجعله لي زيادة في الأجور
ومنها:
الصوم في بعض البلاد الشقا***صاحبه يؤجر إن قالا:
يبست العروق والأجر مــــــا*** ثبت والظماء ما زالا
ومنها:
شهر الصيام أتى لأيا عرفـــــــــــــناه***أهلا وســـــــــــــــــــهلا به أعاده الله
شهر من الأكل يعفي في النهار إلى***أن تغرب الشــــــمس لا أرز ولا شاه
ما ذاق شيئا من الإيمان أي فتــــــى***بـــــــــشهر شعبان أو شوال ساواه
ومنها من أدب ثانية روصو في تناول الطلاب الشاي عند قرية تنكن قرب ثانوية روصو في ليالي رمضان:
لقد دق جرسك يا تنكـــن*** فقد جاءنا رمضان السني
أعدي الكؤوس وإبريقــــها***وجــــيئي بفرنك والمرجن
تشير إليك صناديقـــــــــنا***بأن لا تخـــــافي ولا تحزن
ولست بذي فضة أشتري***أتايا لديك ولــــــــــكنني…
وأما تذمر الناس بصفة عامة بطول شهر الصوم فيتجلى في تقسيمهم للشهر إلى ثلاث شعب كل شعبة بعشرة أيام أضافوا كل شعبة منها إلى نوع من المراكب فسموا الشعبة الأولى بشعبة الخيل لأنها سريعة تمر على الناس وهم ما زالوا نشطين وسموا الشعبة الثانية شعبة الإبل لأنها تمر بسرعة دون سرعة الأولى لأن الناس قد دب إليهم اللغب والإعياء وسموا الشعبة الأخيرة شعبة الحمير لبطأها وتعب الصائمين فيها بدنيا حتى يخيل إليهم أنها أطول من غيرها من الشعب مع أنها قد تنقص عن عشرة أيام.
5 رمضان مربد العلماء
من أحسن ما جادت به عبقرية سياساتنا سن ما يسمى بالسهرات الرمضانية وهي عبارة عن نواد تظهر في التفلزة وفي الإذاعة ويتفقه فيها العامة في أمر دينهم ويسألون أهل الذكر عن كل ما ينوبهم في عاداتهم وعباداتهم وإلى جانبهم جماعة من خيرة حكماء الأطباء يعينونهم في تدبير صلاح أبدانهم زمن الشهر المبارك وينتج عن ذلك ما أصبح به الفقيه طبيبا والطبيب فقيها ومن المفارقة أن اللفظين مترادفان أصلا في اللغة العربية ولا يمنعهم سؤال طرحوه عام أول أن يطرحوه مجددا هذا العام. هذا جانب من القضية.
وجانب آخر هو آن هذه السهرات الرمضانية كانت بمثابة مربد البصرة في أواخر القرن الأول وأوائل الثاني الهجري يرد إليها العلماء الجدد كما يرد المربد الثنيانيون من الشعراء فيستفتيهم الناس ويفتونهم ويشتهر بذلك علمهم وينتشر نفعهم في المجتمع وقد يجد فيهم المستفتي من يخرجه من ورطة يمين أو التزام معين. فلا شيء أنفع للفقه وأشد إغناء له من لز بنات اللبون مع البزل القناعيس ويكون البقاء ـ بعدُ ـ للأصلح أعني الأصلح للمجتمع والدولة والدين.
6 رمضان ومشكلة ثبوت الهلال
هذه من أكبر تجليات رمضان في الثقافة العالمة. وفقه المسألة مفروغ منه من الناحية النظرية فقد نص الشيخ خليل على أن رمضان يثبت برؤية الهلال وبكمال شعبان ولكن المشكلة في كيفية ثبوت الهلال ومدى مصداقية الرؤية المستفيضة التي تعتمد عليها اللجنة المكلفة بإثبات رؤية الهلال في زمن كثرت فيه الاتصالات وسهل تلفيق مستفيضة من آفاق شتى لا يطمأن إلى مدى صدق أفرادها.
وفي البدء كانت هنالك إشكالية ثبوت الهلال بنقل الإذاعة حتى أن بعض العلماء كان يأمر بإغلاق أجهزة الإذاعة في العشر الأواخر من شهر رمضان خوف ما يثير التشويش والإرباك لدى الناس مكتفيا بالرؤية المحلية على القانون المعروف. ولكن هذه الإشكالية قد تجوزت بقيمة الواقع فأصبح كل أحد مضطرا إلى التسليم لأن جهاز الإذاعة لا يبث إلا ما بث فيه. أما مشكلة المستفيضة فما زال فيها مجال للأخذ والرد ووقعت في شأنها سجالات شعرية بين مؤيد ومناهض وما قيل فيها من الشعر لا بأس به على الجملة، وسنقتصر هنا على ذكر نموذج من هذا الشعر إذ ليس من شرطنا في هذا الحديث تحرير أي فرع فقهي والقطعة للأديب الشاعر أبو بكر بن بده عمدة بلدية التوفيق وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، وقد طرح فيها الإشكالية وحز في مفصلها بأسلوب سلس فقال:
حماة الدين من للصوم هل لهْ***مــــحام ضد مشكلة الأهله
فهذي ملة الإسلام أمســــى***لـــــــها رمضان رمضاء ومله
فآونة يكون لها مــــــــــــــــثالا***ويأتــــي ناقصا من غير قله
ومفروق اللفيف يكون طـــــورا***ولم ير سالما من حرف عله
……..
تكرر ما أثار الشك حــــــقـا***وزاد الــــطين ـ يا علماء ـ بله
ثلاثون انقضت بشهادة مـن*** ذوي عـــــــــدل وأفراد وجِله
وزادت ليلة واليوم صحــــــو***ومـــــا هل الهــلال لمن أهله
فصامت ثلة واليوم عـــــــيد*** وأفطر في ضحى رمضان ثله
ومما يندر في هذا الباب بيتان وردا في ديوان الجذاذات لبعض أهل العصر يميلان إلى تكذيب المستفيضة إذا قامت القرائن على ذلك والبيتان هما:
ما أصغر الهلال في ليلة*** ثالث شوال على قولة
كأنه من صغر إذ بــــــدا***راتــب من يعمل للدولة
ولم تسلم اللجنة المكلفة بالأهلة من النقد رغم ما عرف عنها من التبصر والتحرير والاجتهاد في شأن الأهلة.
ومن أطرف ما وقع إلينا في هذا الباب أن بعض الناقدين الاجتماعيين قال إن المسؤولين في بلادنا هذه يأكلون ما وكل إليهم حتى لجنة الأهلة أكلت من شهر رمضان اليوم واليومين.
ومنه قول أحد الخبراء الفرنسيين العاملين في هذه البلاد وقد سمع عن اللجنة المكلفة بمراقبة الأهلة وظن أن اختيار أعضاءها يتم على أساس حدة البصر فاستغرب أن يكون من بينهم شيوخ وكهول لا سيما وأن الرؤية في إفريقيا صعبة لكثرة الغبار والغيوم فضلا عن سوء التغذية وشظف العيش الذي يفقد البصر قسطا من ثقوبه حسب نظره.
7 عملية إفطار الصائم
إن عادة إفطار الصائم عادة متأصلة في التاريخ الإسلامي وكان ولاة الأمور من قديم الزمان يولونها عناية فائقة ولكنها كانت تتم في شكل سماطات تنظم في دار الإمارة يفطر فيها الناس حسب مراتبهم فهناك سماط للأمير ومقربيه وسماط لمن يلونهم وسماط للعامة يأكل منه الحاضر والبادي كذلك كان يفعل معاوية بن أبي سفيان وبنو مروان وغالب خلفاء بني العباس في زمن قوتهم.
أما في عصرنا هذا فإن هذه العملية تقوم بها الدولة وتغطي كافة أنحاء الوطن وهي مقصورة على جماعات المساجد المسجلة لدى المصالح المركزية ولا حظ فيها لغيرهم ولا شك أن أجر هذه العملية سيدخل منه نصيب لا بأس به في حساب كل مواطن ومواطنة وقد ورد في الأثر التأكيد على كثرة ثواب إفطار الصائم وفي الأثر أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار.
فلا جرم كان المجتمع الموريتاني وهو الكريم في نحيزته سباقا في هذا الميدان لأنه صادف هوى في فؤاده فأقبل على الموائد يستجيدها في رمضان من حلو وحامض وحليب وحازر ومقلي ومشوي وتفنن في أنواع التمور من صيحاني وبرني وتعضوض.
ومما ألحق بالفطور من الخرافات أن تناول غير الصائم للفطور قبل إفطار الصائمين مضر ببصره. ومنها أيضا ما يقال إن الإفطار على مواد معينة يؤدي إلى أمور معينة. والذي لا شك فيه أن المندوب إليه شرعا والمؤكدة فائدته علميا هو الإفطار على رطبات أو تمرات أو حسوات من الماء وقد يبلغ ببعضهم الولع بالشاي والتبغ أن يجعلهما أول ما يقطع به صومه وللناس فيما يعشقون مذاهب.
8 متفرقات تتعلق بالصوم
من ذلك ما يسمى بصوم الجهال وهم قوم أضر بهم المرض ومع ذلك يعالجون الصوم منزهين أنفسهم عن الأخذ برخص الله ولا شك أن ذلك من أمارات عدم الإخلاص وهو مؤشر على أن عبادتهم تشوبها شهوة خفية.
ومنه المثل السائر أن المسافر له بقية يومه يضرب لمن بالغ في الأخذ بالرخصة أيا كان موضوع تلك الرخصة.
ومنه تمرين الصبيان على الصوم يصومون من أول النهار إلى الظهر ثم يفطرون أو يفطرون من أول النهار إلى الظهر ثم يمسكون.
ومنها شيوع ما يسمى بالإمساكيات وهي جداول تبين وقت الفطر ووقت الإمساك تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي وفي المساجد ومنها ما هو معتمد ومنها ما هو مشكوك في صحته.
ومما يلحق بهذا الموضوع زكاة الفطر وقد اعتنت الثقافة العالمة بجملة من المشاكل المرتبطة بها في العصر الحاضر كإجزاء قيمتها عنها وإجزاء بعض أجناس الحبوب التي لم تعد هي جل عيش القوم وإجزاء المواد المصنعة من نوع المعكرونة والبسكويت وتحديد مصارفها وكيف تبرأ الذمة منها.
وأشكركم والسلام عليكم ورحمة الله.
نقلا عن موقع انيفرار